سند الشيخ العالم ميمون زبير
في رواية كتاب تفسير الجلالين للإمامين الجليلين الإمام المحلي والإمام السيوطي رحمهما الله تعالى
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا ومولانا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد، فإن الله تعالى قد تفضل علينا ومن علينا بفضله الكريم، وأفضل ما أسدى من أخيار عباده ما هو يلزم عليه الشكر والثناء وتقديم الثناء له سبحانه وتعالى، وذلك أنه في هذا اليوم نختم قراءة التفسير العظيم للإمامين الجليلين الشهيرين في مختلف البلدان هما الإمام المحلي والإمام السيوطي. فالإمام الأول هو العلامة محمد بن أحمد محمد بن إبراهيم بن أحمد بن هاشم المحلي المصري الشافعي ولد بالقاهرة عام 791 (سبعمائة وإحدى وتسعين) هـ الموافق لعام 1389 (ألف وثلاثمائة وتسعة وثمانين) مـ وتوفي في مستهل عام 864 (ثمانمائة وأربعة وستين) الموافق لعام 1459 (ألف وأربعمائة وتسعة وخمسين) مـ اشتهر بتبحره بالعلوم وبسعة اطلاعه وكثرة تآليفه وعمقه فكان مفسرا فقيها متكلما أصوليا نحويا منطقيا. والإمام الثاني هو عبد الرحمن بن كمال الدين أبي بكر بن محمد بن سابق الدين بن فخر الدين عثمان بن ناصر الدين محمد بن سيف الدين خضر الخضري الإمام جلال الدين السيوطي المصري الشافعي خاتمة المحققين ومن العلماء المجددين في الإسلام في القرن العاشر ولد عام 849 (ثمانمائة وتسعة وأربعين) هــ الموافق لعام 1445 (ألف وأربعمائة وخمسة وأربعين) مـ وتوفي في (تاسع) 9 جمادى الأولى عام 911 (تسعمائة وأحد عشر) هــ الموافق لعام 1505 (ألف وخمسمائة وخمس) مـ وظهر منه رحمه الله فن من فنون المعارف الدينية فن أصول التفسير.
وإنني أشكر المولى جل وعلا في إتمام قراءة هذا التفسير على أيدي الإخوان والطلبة والمحبين من المستمعين حفظهم الله تعالى. قرأت من ابتداء القراءة إلى اختتامها كل يوم الأحد مدة أكثر من عشر سنين والحمد لله على هذه النعمة العظيمة. ومما افتخرت به وجعلته من أعظم ما من علي من النعم والآلاء ما هو عادة أئمتنا من أفاضل السلف والخلف من التعليم والتعلم والإرشاد والاسترشاد مما هو مضامين مؤلفات علمائنا الذين هم بمنزلة أنبياء بني إسرائيل ما هو علاقة لمجاري تواريخهم سواء كان اجتماعيا أو شخصيا. وهذا الأمر في الحقيقة مرجع الأمر ومصداق ما تضمنه مضامين حديث الرسول صلى الله عليه وسلم "بدأ الدين غريبا وسيعود غريبا كما بدا فطوبى للغرباء. وكما هو مضمون الحديث المذكور تكون الغرابة في الأول من حيث الكمية وفي الآخر من حيث الكيفية فإن كلمة الغرابة في ذلك الحديث كررت نكرة مرتين فالثانية غير الأولى كما هو مشاهد لدى أهل العرفان. فإن من فضائل هذه الأمة أنه لا يخلو من المبدأ إلى المنتهى من هذه الأمة من الذين كان لهم وصلة وعلاقة مما كان عليه أسلاف هذه الأمة ما كان عليه أحوال أسلافهم من الصحابة والتابعين وتابعي التابعين قال تعالى ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون وقال تعالى: كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله. وقال صلى الله عليه وسلم لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق حتى يأتي أمر الله
وأوصيكم في مثل هذا العصر أن تحيوا على قدر استطاعتكم من إحياء المعارف الإسلامية كما هو عليه عادة العلماء. ولهذا أكتب هنا سلسلة اتصالي في رواية هذا الكتاب إلى المؤلفين الجلال السيوطي والجلال المحلي لتمام النفع والبركة مع الاتصال بعلمائنا السابقين فأقول رويت هذا الكتاب عن شيخي وشيخ مشايخي العلامة المسند فضيلة الشيخ محمد ياسين بن عيسى الفاداني عن الشيخ محمد علي بن حسين المالكي المدرس بالمسجد الحرام عن الشيخ عبد الحق الإلهابادي عن العلامة الشيخ عبد الغني الدهلوي عن العلامة محمد عابد السندي عن السيد أحمد بن سليمان الهجام عن محمد بن علاء الدين المزجاجي عن أبي البقاء وأبي الأسرار حسن بن علي بن يحيى العجيمي المكي توفي بالطائف سنة 1113(ألف ومائة وثلاثة عشر) هــ عن صفي الدين أحمد بن محمد بن يونس الدجاني القشاشي المدني توفي سنة 1071 (ألف وإحدى وسبعين) هـــ عن أبي العباس أحمد بن علي الشناوي عن عبد الرحمن بن عبد القادر بن فهد عن عمه محمد جار الله بن عبد العزيز بن فهد عن قاضي القضاة أبي إسحاق برهان الدين إبراهيم بن محمد بن أبي بكر بن علي المقدسي ثم القاهري المعروف بابن أبي شريف توفي سنة 923 (تسعمائة وثلاثة وعشرين) هــ عن المؤلفين العلامتين الإمام المحقق جلال الدين أبي عبد الله محمد بن أحمد بن محمد المحلي الأنصاري والإمام الحافظ جلال الدين أبي الفضل عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي رحمهم الله تعالى. وأوصي نفسي وإخواني المستمعين ومن حصل له الإجازة مني لمن له أهلية أن يلازموا التقوى في السر والعلان. وأن يصححوا النية في طلب العلم بالإخلاص والصدق مريدين بذلك وجه الله. وليحذروا من الأغراض الساقطة والمقاصد الدنيئة الهابطة فإنها تخسر الدنيا والآخرة كما جاء في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" من تعلم علما مما يبتغى به وجه الله لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضا من الدنيا لم يجد عرف الجنة يوم القيامة " يعني ريحها. وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إن أول الناس يقضى يوم القيامة عليه رجل استشهد " الحديث، ثم قال فيه " ورجل تعلم العلم وقرأ القرآن فأتى به فعرفه نعمه، فعرفها قال: فما عملت فيها قال تعلمت العلم وعلمته وقرأت فيك القرآن قال كذبت ولكنك تعلمت العلم ليقال عالم وقرأت القرآن ليقال قارئ فقد قيل ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار إلى آخر الحديث. وعن كعب بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من طلب العلم ليماري به السفهاء أو يكابر به العلماء أو يصرف به وجوه الناس إليه أدخله الله النار ". ومعنى قوله " ليماري به السفهاء " أي ليجادل وقوله " يكابر أي يناظر ليظهر علمه وقوله " يصرف به وجوه الناس " أي يطلب العلم بنية تحصيل المال والجاه. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: " الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ذكر الله وما والاه وعالما ومتعلما ". ولو لم يكن في الرياء إلا تسميته بالشرك لكفى. وعن ابن عمر رضي الله عنهما مرفوعا: " من تعلم علما لغير الله وأراد به غير الله فليتبوأ مقعده من النار.
وأوصيهم أن يجتهدوا في طلب العلم، قال الحسن البصري رحمه الله تعالى: " إذا استرذل الله عبدا زهده في العلم ". وقال الإمام أحمد رضي الله عنه: " لا يتأخر من طلب العلم إلا جاهل ". وروي عنه رضي الله عنه: " أن العلم وتعليمه أفضل من الجهاد وغيره "، وهو مذهب أبي حنيفة ومالك رحمهما الله تعالى. وقال معاذ بن جبل رضي الله عنه: " تعلمه لله حسنة وطلبه عبادة ومدارسته تسبيح والبحث عنه جهاد وتعليمه لمن لا يعلمه صدقة وبذله لأهله قربة وهو الأنس في الوحدة والصاحب في الخلوة ". وأطلب منهم الدعوة الحسنة لنفسي والهداية وتمام البشرى من العزيز الرحمن بالفضل والإحسان ممن تغمده المولى بالرحمة والرضوان في الدارين على وجه الكمال والتمام وصلى الله وسلم على سيدنا ومولانا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين والحمد لله رب العالمين.
سارانج تحريرا يوم الأحد 21 جمادى الأولى 1435 هـــ
كتبه الفقير ميمون زبير